U3F1ZWV6ZTM3NTU4ODE3MjEzX0FjdGl2YXRpb240MjU0ODk1NzkwNDI=
recent
آخر المقالات

المقاربة بالكفايات ونظريات التعلم

 



المقاربة بالكفايات ونظريات التعلم

يتفق الجميع على أن للمتعلم قدرة أساسية: القدرة على التعلم. لكن تصورات التعلم في الوضعية الدراسية تتباين وتتشعب حسب التوجهات. |

لعل من أكثر التصورات شهرة تلك التي تعتبر أن اكتساب المعارف والمهارات يتم حسب صيغة خطية وتراكمية. هذا التصور، ترجم في الأنظمة التربوية تحت اسم «بيداغوجيا الأهداف»، ولا يزال إلى ايومنا هذا من بين التصورات الاكثر انتشارا في الأنظمة التربوية . وهو مشتق من النظرية السلوكية. يعرف التعلم حسب هذه النظرية بافلوف Pavlov، واتسون Watson، تورندايك Thorndike، سکینر Skinner)

باعتباره تغييرا في سلوك المتعلم بفعل مثير ما، دون اعتبار إرادة المتعلم ونواياه وحوافزه وسيرورته المعرفية التي يتم التوصل من خلالها إلى السلوك الحاصل. تركز بيداغوجيا الأهداف على البعد الكمي للمعارف، مما يؤدي إلى تجزيء المضامين ومهمات التعلمات، فتغيب في الغالب الأعم النظرة الشمولية.

في الوقت الذي يعترف فيه الباحثون لبيداغوجيا الأهداف باسهامها الكبير في تحديد الأهداف التعلمية، ليس من خلال ما يجب أن يقوم به الأستاذ، بل من خلال ما يجب على المتعلم أن يكون قادرا على القيام به انطلاقا من عمل الاستاذ (هذا هو مفهوم الهدف الإجرائي)، فإنهم يركزون كذلك على محدوديتها المتمثلة في تجزيئ التعلمات وافتقادها للمعنى. وفي الوقت الحاضر، لا تقصي المناهج بيداغوجيا الأهداف، ولكن تعتبرها غير كاملة

التوسع الان في تصورات أخرى للتعلم، تصورات مرتبطة بتوجهات أخرى ساهمت في بلورة المقاربة بالكفايات.

1. النظرية المعرفية

تعتبر المقاربة المعرفية (كانيي Gagné، أوزيبيل Ausubel، نوفاك Novak، طاردیف Tardif) 13 أن للعقل البشري قدرة على معالجة المعلومات. وتتعهد هذه المقاربة بدراسة الانشطة الذهنية التي تعالج المعلومات وبنمذجتها، علما أن أنشطة كهذه تفترض تحديد المعلومات وتحويلها وتخزينها واسترجاعها أو ربط بعضها ببعض، أي تعبئة موارد معرفية. إن المعلومات هنا، مهما اختلفت بحسب نوع المهمة المنتظر إنجازها (فهم، تقویم، حل، حساب...)، فإنها تتميز بقاسم مشترك : كلما المعلومات الرمزية المخزنة في الذاكرة.

قاسم مشترك : كلها تستعمل

خلال حل مشکل ما، يلجا المتعلمون إلى استراتيجيات مختلفة، وكل منها يقتضی تععة د الضرورية. إن أي إفراط في تعبئة المعارف يترتب عنه احتمال الوقوع في الخطا، الشيء الذي يجعل المتعلم يبحث عن استراتيجيات حل اقتصادية.

من بين المقاربات التي تستقي أسسها من هذا التصور للتعلم، يمكن ذکر حل المشكلات والبيداغوجيا الفارقية ومشروع العمل التربوي .

2. النظرية البنائية

يعتبر هذا التوجه، الذي أرسى دعائمه بياجي (Piaget) على الخصوص، أن أي معرفة تبنی، مثلما يبنی کل واقع، وأن التعلم هنا يتم تصوره كنتيجة للصراع المعرفي حيث يثير ويشجع سيرورة البناء الذاتي. إن هذه السيرورة تبرز من خلال تطور تدریجی للبنيات المعرفية نحو مستوى منطقي متصاعد يسمح بإدماج معطيات في ترکیب متزايد.

على المستوى البيداغوجي، ترى النظرية البنائية أن المتعلم يتعلم وهو في وضعية مواجهة مع تاثیرات قادمة من المحيط، وبفهم معلومات جديدة (استیعاب)، وبتغيير منهجيات التفكير على إثر ذلك تلاؤم).

لقد سمحت النظرية السوسيوبنائية (كما سنبين لاحقا) بإتمام هذه النظرية، وذلك باضافة التأثيرات الاجتماعية على التعلم .

3. النظرية السوسيوبنائية

حسب هذا التوجه (فیکوتسکی Vygotsky، دوازDoise ، مونيي Mugny ، بیری-کلیرمون Perret-Clermont

، جيلي Gilly)، يمكن أن ينتج التطور المعرفي في مجمله عن تسلسل تفاعلات ذات ترکیب متصاعد، تؤهل الفرد کي «يتحكم في بعض أوجه الترابط، التي تمكنه (...)

من المشاركة في تفاعلات اجتماعية أكثر ترکیبا والتي تصبح بدورها منبعا للتطور المعرفي.

من هنا، يمكن القول بان التطور المعرفي عند المتعلم ينتج عن تشكيلتين اثنتين خارجية ثم داخلية ، عة تنطلق من الاجتماعي إلى الفردي : تتجسد قدرات المتعلم أولا في العلاقات بين فردية الناتجة عن تناقض الأجوبة المقترحة لحل مشکل ما، تلك العلاقات التي يعمل فيها المحيط الاجتماعى للقسم على وجه المتعلم. أما الانطلاق والمراقبة الفردية للانشطة (النهوج ما وراء المعرفية، الضبط الذاتي) فلا تظهر الا في وقت ثان، عند نهاية سيرورة الاستبطان التي يسهلها تردد التفاعلات الاجتماعية

وهكذا يكون منحى التعلم في هذا التوجه النفسي مرتكزا على وقوع صراع معرفي، فعندما يكون المتعلم في مواجهة وضعية - مشکل من اجل حلها، يحدث صراع يوجد حله أو تجاوزه في تقاسمه مع متعلمين آخرين: يتطور الصراع المعرفي إذاك نحو صراع سوسیومعرفي . إن هذا الأخير يثير وينعش سيرورة تطور التعلم عند المتعلم، الشيء الذي ينظر إليه باعتباره بناء اجتماعيا. ويكون المتعلمون المنخرطون في تفاعل معین ملزمين، من جهة، بالتميز بفرق في ما يخص التركيز المعرفي (وجهة نظر، طرائق، حلول ...)، ومن جهة أخرى، بالبحث عن حل مشترك وموحد للمشكل .

يعتبر هذا التصور السوسيوبنائي للتعلم مناسبا لتنمية الكفايات الفردية ومطابقا تماما لفهم ظاهرة التربية، الشيء الذي يبرر التوجه الحاصل حاليا في المناهج المصاغة حسب المقاربة بالكفايات .



الاسمبريد إلكترونيرسالة