U3F1ZWV6ZTM3NTU4ODE3MjEzX0FjdGl2YXRpb240MjU0ODk1NzkwNDI=
recent
آخر المقالات

تدبير الأقسام المشتركة (متعددة المستويات)

 





تدبير الأقسام المشتركة (متعددة المستويات)

      تثير "الأقسام المشتركة" بالمنظومة التربوية المغربية مجموعة من التساؤلات والحواجز النفسية، تنطلق في أغلبها من

كونها إكراها تربويا، تمليه صعوبات مادية وبشرية. وهذا النقاش أسفر في المغرب عن إنتاج مجموعة من الأدبيات

والدراسات التي تعاملت مع الظاهرة من هذا المنطلق. الشيء الذي أفرز تعاملا سلبيا معها، لم تتحقق معه النتائج المطلوبة

لإنجاح التدريس بهذه الأقسام.

     وينبغي الاعتراف بأن الإلحاح على الاستمرار في طرح الموضوع من طرف فاعلين متعددين : إدارة، آباء،

أساتذة...، وبنفس الخلفيات، يعد مبررا للبحث عن مقاربة مغايرة.

هذا ما سيتم الانكباب عليه من خلال طرح تساؤلات أساسية، وإجابات أولية، تشكل مرجعية يستأنس بها الفاعلون

التربويون في هذا الصدد.

تساؤلات حول المفهوم :

على مستوى المصطلح

     تعددت مصطلحاته : أقسام مشتركة، أقسام متعددة المستويات، أقسام متعددة البرامج، أقسام متعددة الدرجات، أقسام

متعددة الأعمار، القسم الوحيد (يضم جميع مستويات المدرسة الابتدائية) ... الخ.

فهل فعلا يتعلق الأمر بمفاهيم مختلفة، أم إنها وجوه لشيء واحد ؟

على مستوى المفهوم :

عندما نقول"أقسام مشتركة"، فكأننا نفترض ضمنيا وجود" أقسام غير مشتركة" أو "أقسام وحيدة المستوى"، وهذا غير صحيح.

ولمزيد من التوضيح نقدم الجدول التالي الذي يحاول تقديم الإشكالات المرتبطة بواقع الممارسة :



من خلال ملاحظة الجدول السابق يمكن أن نستنتج وجود اختلافات وفوارق بين نوعي الأقسام، لكنها تبقى كمية أكثر

منها نوعية، فهي متواجدة حتى في الأقسام المسماة غير مشتركة؛ إن أعمار المتعلمين ومستويات تحصيلهم وإيقاعات تعلمهم

،هي دائما مختلفة، فلا وجود لقسم منسجم كما سبقت الإشارة إلى ذلك، هذا وهم ينبغي استبعاده، إن جميع الأقسام تتطلب

اعتماد البيداغوجيا الفارقية واحترام خصوصيات كل متعلم(ة) واعتماد طرائق تدريس حديثة. إن مكمن الخلل يوجد في كون

بعض الممارسات لا تزال متمركزة حول "المعلم" و"المعرفة"، بدل خدمة الكفايات التي تم الحديث عنها في السابق. فالمشكل

مطروح سواء تعلق الأمر بالأقسام المسماة "مشتركة" أو بالأقسام الأخرى؛ فالمناهج والمقررات والكتب المدرسية ينبغي

إعدادها بشكل يستجيب لاختلاف حاجات المتعلمين؛ كما أن التدريس ينبغي أن يتمركز حول المتعلم ونشاطه الذاتي.

         من البديهي أن يستاء المدرس من التعامل مع" الأقسام المشتركة"، إذا كانت ممارساته تقوم على التلقين وإصدار

الخطاب الوحيد إلى مجموعة من المتعلمين يفترض أنها منسجمة؛ وتوزيع البرامج والمعلومات المكثفة والمتنوعة في زمن محدود.

فكيف إذن التوفيق بين هذه الإكراهات؟

لحل هذه المشكلة عملت البيداغوجية التقليدية على إنتاج مجوعة من التقنيات التي أثبتت عدم كفايتها، مثل المزاوجة

بين الشفهي والكتابي، أو الانطلاق من جذع مشترك...الخ، لكن ظلت هذه التقنيات تنطلق من المسلمة القديمة "الأستاذ مصدر

المعرفة". فكيف إذن يمكن تقديم معارف مختلفة، لمستويات مختلفة، في الإطار الزمني المعتاد دون توفر زمن إضافي؟

خلافا لما سبق يمكن اعتبار الأقسام المشتركة اختيارا بيداغوجيا له مزاياه.

الأقسام المشتركة كاختيار بيداغوجي :

إن مبدأ إلزامية وتعميم التعليم يفرض توفير مقعد دراسي لكل طفل(ة) بلغ سن التمدرس، وتقريب المؤسسات من

المواطنين، وهذا ما أدى إلى بروز وانتشار هذا النوع من الأقسام خصوصا بالوسط القروي، وجعلنا في بعض الأحيان أمام

مستويات دراسية تضم عددا محدودا من المتعلمات والمتعلمين، قد لا يتجاوز أربعة. إن هذا يقتضي فعلا ترشيدا للنفقات

المرتبطة بالبنايات والموارد البشرية. لكن هذا لا ينبغي أن يحجب عنا كون هذه الوضعية يمكن أن تشكل امتيازا ينبغي

استثماره إيجابيا.

      إن الأقسام المشتركة بالفعل اختيار تربوي لدى مجموعة من الدول، من بينها سويسرا، هولندا، أستراليا، كندا،

نيوزيلندا، الدول الأسكندنافية، فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية... الخ. كما أنها موجودة في قطاع التعليم العمومي والخصوصي.

فما هي الأسباب التي تجعل بعض الدول، تفضل أحيانا العمل بالأقسام المشتركة، رغم توفر هذه الدول على

الإمكانات المادية والبشرية لتفاديها؟

مزايا الأقسام المشتركة :

إن مزاياها لا تقتصر على الجانب المعرفي فقط، بل تمتد إلى مختلف مكونات الشخصية. فاختلاف تجارب وأعمار

متعلمي الأقسام المشتركة مصدر غنى؛ لقد بينت دراسات متعددة أن نتائج الأقسام المشتركة تكون أفضل أو مكافئة لنتائج

الأقسام العادية فيما يخص الجانب المعرفي، خصوصا في مجال القراءة واللغات. أما بالنسبة للجانب الوجداني والاجتماعي،

فنتائج الأقسام المشتركة تكون أفضل. وهذا يرجع إلى كون الأقسام المشتركة، بعدم تجانسها، تشكل استمرارا لحياة الأفراد

العادية في المجتمع من جهة، وإلى كونها من جهة ثانية تسمح أكثر بالاشتغال الذاتي والنشيط للمتعلمات والمتعلمين.

      فهي بذلك تشكل سياقا فريدا للتعلم يوفر الاستقلالية، النضج العاطفي، التعاون، العمل الجماعي، تدبير العمل

المدرسي، التحصيل الجيد ...الخ.

إن التعامل مع الأقسام المشتركة بالمدرسة المغربية يقتضي أولا تبني مختلف المقاربات البيداغوجية التي قدمها هذا

الدليل، كما يقتضي تدبيرا مرنا للمناهج والمقررات الرسمية والأزمنة الدراسية، وتنسيق الاجتهادات بين مختلف مجالس

المؤسسة والفاعلين التربويين، إن على مستوى المؤسسة التربوية أو على مستويات أعم.


الاسمبريد إلكترونيرسالة